الثــورات العربيــة... وخطــر الحركــات السلفيــة
د.نسيب حطيط
انتفضت الشعوب العربية على حكامها لتغير الواقع نحو الأفضل ،ولإعادة روح الوعي والإنفتاح والحداثة للأمة واستعادة حرية الرأي والمعتقد ،لكنها تحاصر وتستوعب اميركيا وغربيا من جهة ،ومن الحركات(السلفية)التكفيرية من جهة أخرى، لتحويل الثورات عن مسارها وأهدافها المشروعة.
إن الفكر التكفيري الذي بدأته جماعات التكفيروالهجرة في مصر وبرعاية من النظام ، والجماعات الإسلامية والتكفيرية في الجزائر، ثم صناعة الفكر الطالباني بأموال ورعاية عربية معروفة عبر فتاوى العلماء التكفيريين ومبايعة (بن لادن) أميرا للقاعدة في العالم، والتي شكلت عبر أعمالها المشبوهة منذ أحداث أيلول 2001 في أميركا (كلب الصيد) الأمني الأميركي، حيث تقوم الخلايا المخابراتية مباشرة بواسطة القاعدة أو بإسمها بعمليات التفجير أو وذبح الرهائن و التهديدات لتبدأ أميركا إعتداءاتها العسكرية بالغزو أو الحصار تحت شعار حماية الأخرين من(القاعدة) وقد نجحت أميركا باختراع(القاعدة)وبعض المنظمات السلفية في حربها ضد الأخرين، واستخدامها كفزاعة للتخويف والإستغلال، وكذلك في ضرب جوهر الإسلام المبني على العقل والتسامح والسلام، حيث تحول الإسلام في نظر الغربيين نتيجة التحريف وأعمال التفجير التي تفتعلها القاعدة إلى دين مخيف وإرهابي ومن العصور الحجرية.
ومع إنتفاضة الشعوب العربية نرى مبادرة الحركات السلفية وبإيعاز من علمائها ورعايتهم قد بادرت إلى إلهاء التحركات الشعبية وتفخيخها من الداخل، نتيجة الأفكار المتعصبة والمحرفة المبنية على تكفير الآخرين بدون إستثناء حيث يصبح كل من لا يؤمن بأفكارها التي تقوم على وجوب قتل الفأر(ميكي ماوس)لأنه فأر نجس و (إرضاع الكبير) حتى يصبح تواجد المرأة مع الرجل في الوظيفة العامة أو مع السائق الأجنبي(حلالا) ومن أعمال الحركات السلفية:
- فتوى الشيخ اللحيدان السعودي أخيرا (بوجوب الجهاد ضد النظام السوري حتى لو قتل الثلث من الشعب لسعادة الثلثين الآخرين) لأن النظام كافر من مذهب آخر .
- يتظاهر السلفيون في محافظة قنا بمصر رفضا لتعيين محافظ( قبطي) لأن هذا حرام وفق فكرهم التكفيري بالإضافة لهدم أكثر من مائة ضريح في مصر لأن ذلك مخالف للإسلام.
- هدم المساجد والحسينيات والقبور في البحرين وإعتقال النساء لأن المعارضة (كافرة) وليست من مذهبهم.
- قتل ناشط السلام فيتوريو أريغوني(المسيحي)الإيطالي في غزة خلافا لكل القيم الدينية والوطنية وهو الذي يتضامن مع الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي
- معارك نهر البارد بين الجيش (وفتح الإسلام)وكذلك جند الشام وتأسيس حزب التحرير برعاية محلية لتحويل لبنان من جمهورية إلى ولاية تتبع الخلافة الإسلامية، ليتحول المسيحيون فيها إلى أهل ذمة أو مهجرون أو قتلى كما في العراق وممنوعون من بناء الكنائس والوظائف كما في مصر، ويتحول فيها الشيعة والدروز والعلويون والصوفيون إلى كفار يجب قتلهم وإبادتهم.
إن الحركات السلفية المسلحة والمغطاة ماليا وفقهيا تدفع المنطقة العربية لحروب دينية ومذهبية غير مبررة وخطيرة وفق المشروع الأميركي – الصهيوني وبإيد عربية وإسلامية لإجهاض الثورات العربية وتبديد القوة والثروات والمستقبل ، وصولا لتجزئة الدول القائمة إلى دويلات وإمارات صغيرة تتناحر فيما بينها وتغرق في الفلك الأميركي ،ولا تستطيع العيش بدون وصاية وحماية أميركية، ليصبح صبغ اللحية وقص الشارب أو لبس العباءة و النقاب و تعليم المرأة و قيادتها للسيارة أو مشاهدة التلفزيون وسماع الموسيقى الهم الأكبر للأمة الجاهلة، وتترك قضايا الأمة وتحرير مقدساتها وحفظ ثرواتها ونموها وتطورها أمور تخضع للتهميش والضياع ، فتعود هذه الأمة إلى (الجاهلية)الأولى قبل الإسلام، لكن هذه المرة يقتل الإسلام والمسلمين باسم الإسلام، وتعبد أميركا وإسرائيل وملوكها وامراؤها التابعين.
الخطر يهدد الجميع بلا إستثناء فالسلفية المضللة قادمة كفيلق من فيالق المشروع الأميركي للتخريب الفكري والسياسي... فلنتضامن جميعا لحماية شعوبنا وديننا وتراثنا ومستقبلنا.